responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 153
بِهِ فَإِنَّهُ هَالِكٌ لَا مَحَالَةَ إِنْ يَسَّرَكُمُ اللَّهُ لَهُ فَغَلَبَتِ الذُّنُوبُ وَرَجَفَتِ الْقُلُوبُ بِالْمَعَاصِي وَصَارَ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ثَعْلَبًا يَأْوِي إِلَى وِجَارِهِ [1] وَإِنْ رَأَى الْمَكِيدَةَ بِجَارِهِ. فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (. السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجاهِدُوا) أَمْرٌ بِالْجِهَادِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَهْدِ (بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ). وَهَذَا وَصْفٌ لِأَكْمَلِ مَا يكون من الجهاد وأنقعه عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. فَحَضَّ عَلَى كَمَالِ الْأَوْصَافِ، وَقَدَّمَ الْأَمْوَالَ فِي الذِّكْرِ إِذْ هِيَ أَوَّلُ مَصْرِفٍ وَقْتَ التَّجْهِيزِ. فَرَتَّبَ الْأَمْرَ كَمَا هُوَ نفسه.

[سورة التوبة (9): آية 42]
لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (42)
لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَظْهَرَ اللَّهُ نِفَاقَ قَوْمٍ. وَالْعَرَضُ: مَا يُعْرَضُ مِنْ مَنَافِعِ الدُّنْيَا. وَالْمَعْنَى: غَنِيمَةٌ قَرِيبَةٌ. أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَوْ دُعُوا إِلَى غَنِيمَةٍ لَاتَّبَعُوهُ." عَرَضاً" خَبَرُ كَانَ." قَرِيباً" نَعْتُهُ." وَسَفَراً قاصِداً" عَطْفٌ عَلَيْهِ. وَحُذِفَ اسْمُ كَانَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. التَّقْدِيرُ: لَوْ كَانَ الْمَدْعُوَّ إِلَيْهِ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا- أَيْ سَهْلًا مَعْلُومَ الطُّرُقِ- لَاتَّبَعُوكَ. وَهَذِهِ الْكِنَايَةُ لِلْمُنَافِقِينَ كَمَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُمْ دَاخِلُونَ فِي جُمْلَةِ مَنْ خُوطِبَ بِالنَّفِيرِ. وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَذْكُرُونَ الْجُمْلَةَ ثُمَّ يَأْتُونَ بِالْإِضْمَارِ عَائِدًا عَلَى بَعْضِهَا، كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها" [2] [مريم: 71] أَنَّهَا الْقِيَامَةُ. ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ:" ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا" [3] [مريم: 72] يعني عز وجل جَهَنَّمَ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ السُّنَّةِ فِي الْمَعْنَى قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أنه يجد عظما سمينا

[1] الوجار (بكسر وفتح) حجر الضبع وغيره.
[2] راجع ج 11 ص 131 فما بعد.
[3] راجع ج 11 ص 131 فما بعد.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست